لعن الشيطان!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى: إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللّهُ {النساء:16-17}.
وقال عز وجل: وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
وهذا حكم من الله - تعالى - على الشيطان الرجيم أنَّه ملعون إلى يوم الدين . ومن لعن الشيطان فلن يستفيد من لعنه إيَّاه شيئاً ،
لأنَّه تحصيل حاصل ، فالشيطان ملعون.
قال الطحاوي في مشكل الآثار: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعن الشيطان لأنه بذلك موقع للشيطان أن ذلك الفعل كان منه ولم يكن منه، إنما كان من الله عز وجل، وأمره أن يقول مكان ذلك: بسم الله -حتى لا يكون عند الشيطان أنه كان منه عنده في ذلك فعل.
يقول فضيلة الشيخ / محمد بن عثيمين رحمة الله عن حكم لعن الشيطان :
الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان وإنما أمر بالإستعاذة منه كما
قال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع بصير )
وقال تعالى وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ )
وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد أن ذلك
مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينزغ الشيطان الإنسان فإنما أمرنا بالاستعاذة بالله منه وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربأ بنفسه يعني
يزداد يربو بنفسه ويزداد . جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه يتعاظم الشيطان ويفرح .
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن
أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لاتقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتىيكون مثل الذباب " والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند.
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
لعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن، لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان لإضراره فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم.
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم : تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت فيقول : بقوتي صرعتة ولكن ليقل : بسم الله فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب ).
ولا شك أن التّعوذ بالله من الشيطان الرجيم مما يُفسد خطط الشيطان !
فقد روى البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد قال : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان ؛ فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد ، فقالوا له : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعوّذ بالله من الشيطان . فقال : وهل بي جنون. رواه البخاري ومسلم
اذا فالاستعاذة بالله منه فهي إهانةٍ وإذلالٍ له وهي أعظم عليه وأشد مما لو سبّه الإنسان أو لعنه .
ومثل لعنه قول القائل : أخزى الله الشيطان , وقبح الله الشيطان , فإن ذلك كله يفرحه ويقول : علم ابن ادم أني قد نلته بقوتي , وذلك مما يعينه على إغوائه, ولا يفيده شيئا , فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه , فإن ذلك أنفع له وأغيظ للشيطان .